كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَفِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ وَمُخَالَفَةٌ لِمَا عَلَيْهِ مُحَقِّقُوهُمْ أَيْ إنْ أَرَادَ الدَّلَالَةَ الْحَقِيقِيَّةَ الْمُطَابِقَيَّةَ (أَحَدُهَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ كَحُرْمَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ ذَلِكَ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ فَالْحَدَثُ هُنَا الْأَسْبَابُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحُرْمَةَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهَا وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَانِعُ أَوْ الْمَنْعُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ حُكْمٍ وَالْمُرَادُ رَفْعُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ لَكِنْ غَلَطًا لَا عَمْدًا لِتَلَاعُبِهِ وَبِهِ يَرِدُ اسْتِشْكَالُ تَصَوُّرِهِ إذْ التَّلَاعُبُ وَالْعَبَثُ كَثِيرًا مَا يَقَعُ مِنْ ضُعَفَاءِ الْعُقُولِ أَوْ نَفْيُ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ أَوْ نَوَى رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ وَلَا يُعَارَضُ بِضِدِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَفِعَ حُكْمُ الْأَسْبَابِ لَا نَفْسُهَا وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ، وَهِيَ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فَلَغَا ذِكْرُهَا وَلَوْ نَوَى رَفْعَهُ وَأَنْ لَا يَرْفَعَهُ أَوْ رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَأَنْ لَا يَرْتَفِعَ لَمْ يَصِحَّ لِلتَّنَاقُضِ وَكَذَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ.
قِيلَ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ أَوْ لِلشُّمُولِ الدَّاخِلِ فِيهِ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ التَّنْكِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ نِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَيُرَدُّ بِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ اشْتِرَاطِ التَّعْرِيفِ فِي النِّيَّةِ، وَهُوَ أَضَرُّ مِمَّا أَوْهَمَهُ التَّنْكِيرُ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ يُوهِمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّةُ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَسَاوَى التَّنْكِيرَ فِي هَذَا فَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا أَحْسَنُ مِنْ وَجْهٍ، وَأَنَّ التَّنْكِيرَ أَخَفُّ إيهَامًا (أَوْ) نِيَّةُ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ) أَيْ وُضُوءٍ كَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِبَاحَةِ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ فَلَا وَذَلِكَ كَطَوَافٍ، وَإِنْ كَانَ بِمِصْرَ مَثَلًا أَوْ عِيدٍ وَلَوْ فِي رَجَبٍ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ لِوُضُوءٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ أَنَّهُ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي مُطَابَقَةِ الْمُبْتَدَأِ لِلْخَبَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُطَابَقَتَهُمَا أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي اللُّغَةِ لَا يَنْبَنِي عَلَى الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ الِاصْطِلَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي مَدْلُولِ الْعَامِّ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِلَفْظٍ لَا يُخَالِفُ فِيهِ النُّحَاةَ وَلَا غَيْرَهُمْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ فِي الْعَامِّ تَارَةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً عَلَى الْمَجْمُوعِ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ الَّتِي لَا يَخْفَى مَا فِيهَا عَلَى الْعَارِفِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الْقَصْدِ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّهَارَةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ غَيْرِهَا) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي هَذِهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَإِنْ رَدَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُتَنَاقِضَةٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ تَجَزُّئِهِ يُنَافِي ارْتِفَاعَ بَعْضِهِ إذْ لَا بَعْضَ إلَّا لِلْمُتَجَزِّئِ فَلَا يُتَصَوَّرُ ارْتِفَاعُ الْبَعْضِ فَإِذَا أُرِيدَ ارْتِفَاعُ بَعْضِهِ ارْتَفَعَ كُلُّهُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا يُفِيدُ الِاسْتِدْلَال بِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ بِمَحَلِّ نَجِسٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَوْ ثَوْبٍ نَجِسٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِذَلِكَ أَيْ لِتَلَاعُبِهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً كَمَا يَأْتِي وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْت الطَّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ وَلَا أُصَلِّي بِهِ قَالَ الشَّيْخُ قِيلَ لَا يَصِحُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي يَصِحُّ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَقِيلَ يَصِحُّ لِمَا سِوَى الصَّلَاةِ. اهـ.
وَيَتَّجِهُ عِنْدِي الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلَ الْوُضُوءَ لِلْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ نَوَاهَا مَعَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مِثْلَ مَا لَوْ نَوَاهَا بِمَحَلِّ نَجِسٍ مَا لَوْ نَوَى الْمُقِيمُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ هَذِهِ الظُّهْرَ مَقْصُورَةً أَيْ حَالَ إقَامَتِهِ لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يُنَافِيهِ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ نَوَى فِي رَجَبٍ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَطْلَقَ، وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ صَلَاتَهُ الْآنَ لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي نِيَّةَ مَنْ فِي رَجَبٍ صَلَاةَ الْعِيدِ لَعَلَّ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ. اهـ. مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ هُنَاكَ صَرِيحُ تَلَاعُبٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ قَصَدَ صَرِيحَ التَّلَاعُبِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي مَحَلٍّ مُتَنَجِّسٍ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ لَمْ تَبْعُدْ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلصَّلَاةِ عَلَى وَجْهٍ مُبْطِلٍ وَقَدْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّجِسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ عَلَى مَنْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْقَضَاءِ وَمَا لَهُ سَبَبٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا صَلَاةً لَا سَبَبَ لَهَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ) التَّعْرِيفُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَيَرِدُ بِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّنْكِيرَ فِيهِ إيهَامُ اشْتِرَاطِ التَّنْكِيرِ وَهَذَا يُقَابِلُ إيهَامَ التَّعْرِيفِ اشْتِرَاطَ التَّعْرِيفِ وَفِيهِ إيهَامُ صِحَّةِ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهَذَا يُقَابِلُ إيهَامَ التَّعْرِيفِ عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَكَيْفَ يَسُوغُ الرَّدُّ بِأَنَّ إيهَامَ التَّعْرِيفِ أَضَرُّ وَأَزْيَدُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ يُوهِمُ) وَالتَّنْكِيرُ يُوهِمُ صِحَّةَ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِبَاحَةِ) قَدْ يُقَالُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِبَاحَةِ شَامِلٌ لِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ الْمُفْتَقِرِ إلَى طُهْرٍ أَيْ غُسْلٍ فَلَا إيمَاءَ فِيهِ إلَى الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ وَدَلَّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِأَشْعَرَ قَرُبَ فِي الْجُمْلَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (سِتَّةٌ) وَلَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ رُكْنًا هُنَا مَعَ عَدِّ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِيهَا وَحْدَهُ بَلْ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إنَّهُ لَا يَحْسُنُ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ جِسْمٌ وَالْفِعْلَ عَرَضٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ نِهَايَةٌ وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ وَأَقُولُ هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ بِمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا وَمِنْهَا أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التُّرَابِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَنَّ ذَاتَه هُوَ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ وَالْوُجُوبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ بَلْ بِالْأَفْعَالِ بَلْ الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ يُقَالُ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ وَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ جَعْلَهُ رُكْنًا لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَجْمُوعُ أُمُورٍ مِنْهَا الْمَسْحُ وَمِنْهَا التُّرَابُ فَكَوْنُهُ رُكْنًا إنَّمَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ هَذَا الْمَجْمُوعِ لَا مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ جُزْءُ هَذَا الْمَجْمُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ) أَيْ غَيْرُ السَّلِيمِ (مِنْ وُجُوبِ زَائِدٍ) بِالْإِضَافَةِ بَيَانٌ لِمَا (عَلَيْهَا) أَيْ السِّتَّةِ (شُرُوطٌ) خَبَرُ وَمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَيَزِيدُ السَّلَسُ إلَخْ (لَا أَرْكَانٌ) عُطِفَ عَلَى شُرُوطٍ.
(قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ فَمُسَوِّغُ الِابْتِدَاءِ الْوَصْفُ الْمُقَدَّرُ وَقَوْلُهُ بِنَصِّ إلَخْ خَبَرُهُ.
(قَوْلُهُ وَلِكَوْنِهِ) أَيْ لَفْظُ فُرِضَ فِي فَرْضِهِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي أَخْبَرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِلْعُمُومِ) أَيْ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الصَّالِحُ إلَخْ) نَعْتٌ لِلْعُمُومِ مُرَادًا بِهِ الْمَعْنَى الْعَامَّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ.
(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ الْمَعْنَى الْعَامُّ (حِينَئِذٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى دَلَالَةِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ وَقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: الصَّالِحُ لَهُ) بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ بُنَانِيٌّ عَلَى شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ) أَيْ مَدْلُولُ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ دَلَالَتِهِ مُجَرَّدًا عَنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَعَنْ دَلَالَتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَدْلُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَفْهُومُهُ الْمُتَقَدِّمُ إذْ النَّظَرُ فِيهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ، وَأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ فَهُوَ مُلَاحَظٌ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ تَرْكِيبُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْغَيْرِ بُنَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كُلِّيَّةٌ) أَيْ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ أَيْ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ فَفِي الْكَلَامِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْكُلِّيَّةُ مَدْلُولُ الْقَضِيَّةِ لَا مَدْلُولُ الْعَامِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَيْ مَحْكُومًا فِيهِ إلَخْ إذْ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ هُوَ الْقَضِيَّةُ لَا الْعَامُّ فَفِيهِ تَسَاهُلٌ وَالْأَصْلُ مَحْكُومًا فِي التَّرْكِيبِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ أَيْ التَّرْكِيبِ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الْعَامَّ مَوْضُوعًا وَمَحْكُومًا عَلَيْهِ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مَحْكُومًا بِهِ عَلَيْهِ بُنَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا بِعَدَدِ أَفْرَادِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُطَابِقَةٌ وَلَخَّصَ فِيهَا جَوَابَ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنْ سُؤَالِ عَصْرَيْهِ الْقَرَافِيِّ الَّذِي مَضْمُونُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ خَارِجَةٌ عَنْ الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضْمِينِ وَالِالْتِزَامِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُبْطِلَ حَصْرَ الدَّلَالَةِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا يَكُونُ الْعَامُّ إلَّا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمُطَابَقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ فِيهَا دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى تَمَامِ مُسَمَّاهُ الْأَعَمُّ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى أَوْ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا هُوَ فِي قُوَّةِ تَمَامِ الْمُسَمَّى بَنَانِيٌّ بِحَذْفٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّرِيحُ فِيهَا) أَيْ الْجَمْعِيَّةُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الصَّالِحُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْعِبْرَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَطَابُقَهُمَا أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي اللُّغَةِ لَا يَنْبَنِي عَلَى الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ الِاصْطِلَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي مَدْلُولِ الْعَامِّ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِلَّفْظِ لَا يُخَالِفُ فِيهِ النُّحَاةُ وَلَا غَيْرُهُمْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ فِي الْعَامِّ تَارَةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً عَلَى الْمَجْمُوعِ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ الَّتِي لَا يَخْفَى مَا فِيهَا عَلَى الْعَارِفِ سم.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَدْلُولَهُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ ظَاهِرِ إلَخْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَخْبَرَ عَنْهُ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا الِاسْتِغْرَاقَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ لَا أَوْ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْدِ الْمَخْصُوصِ الْمَعْهُودِ الْأَرْكَانُ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَتَعْدَادُهَا فِيمَا بَعْدُ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ أَيْ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ مِنْ التَّحَقُّقِ فِي ضِمْنِ فَرْدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَعَدَمِهِ، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةُ وَقَوْلُهُ لَا بِشَرْطِ لَا أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ لَا شَيْءٍ أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّحَقُّقِ فِي ضِمْنِ فَرْدٍ أَصْلًا وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَاهِيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ أَقُولُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ شَيْءٍ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَاهِيَّةِ الْمَخْلُوطَةِ.